التطور النوعي والكمي في مجال الزراعة العضوية بمصر: ريادة إقليمية وعالمية
- Al Hawam
- 19 مارس
- 2 دقائق قراءة
تاريخ التحديث: 17 أبريل
شهدت مصر في العقدين الأخيرين تحولًا جذريًا في مجال الزراعة العضوية (الأورجانيك)، حيث حققت تقدمًا ملحوظًا على المستويين "الكمي" و"النوعي"، مما جعلها تحتل مكانة متقدمة بين الدول الرائدة في هذا المجال إقليميًا وعالميًا. يتمثل هذا التطور في زيادة المساحات المزروعة عضويًا، وتنوع المحاصيل، وارتفاع جودتها، بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية الداعمة لهذا القطاع. فما أسباب هذه النهضة؟ وما العوامل التي ميزت مصر عن غيرها؟

التطور الكمي: أرقام تدل على قفزة استثنائية
1. زيادة المساحات المزروعة:
ارتفعت المساحة المخصصة للزراعة العضوية في مصر من نحو 50 ألف فدان في مطلع الألفية إلى أكثر من 250 ألف فدان بحلول عام 2023،وزادت بشكل أكبر فى 2024 وفى إنتظار إعلان رسمي لنسبة الزيادة وفقًا لبيانات وزارة الزراعة المصرية ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO).
2. تنوع المحاصيل:
توسعت مصر في زراعة أكثر من 30 نوعًا من المحاصيل العضوية، تشمل:
- محاصيل تقليدية كالقطن والقمح.
- محاصيل بستانية كالمانجو والفراولة والتمر.
- نباتات طبية وعطرية كاليانسون والنعناع.
3. الصادرات:
تحتل مصر المركز الأول أفريقيًا في تصدير المنتجات العضوية، حيث بلغت صادراتها نحو 500 مليون دولار عام 2022، وفقًا لاتحاد منتجي الزراعة العضوية (IFOAM)، وتستهدف الوصول إلى مليار دولار بحلول 2025.

التطور النوعي: جودة وتكنولوجيا واستدامة
1. اعتماد معايير عالمية:
حصلت المزارع المصرية على شهادات دولية مثل الـ USDA Organic الأمريكية والـ EU Organic الأوروبية، مما عزز ثقة الأسواق الخارجية في منتجاتها.
2. الابتكار التكنولوجي:
أدخلت مصر تقنيات حديثة مثل:
- أنظمة الري الذكية لترشيد استهلاك المياه.
- استخدام الكائنات الدقيقة المفيدة (الميكروبيوم) لمكافحة الآفات بشكل طبيعي.
3. الاستدامة البيئية:
ركزت المزارع العضوية المصرية على حماية التربة من التآكل، وتقليل الانبعاثات الكربونية عبر استخدام الأسمدة الحيوية، مما جعلها نموذجًا للزراعة المستدامة.

لماذا تميزت مصر في هذا المجال؟
1. المزايا الجغرافية والمناخية:
- موقعها المتميز بين ثلاث قارات (أفريقيا، آسيا، أوروبا) سهل وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية.
- المناخ الدافئ طوال العام يسمح بإنتاج محاصيل عضوية متنوعة على مدار الفصول.
2. الدعم الحكومي والاستراتيجي:
- تبنت الدولة استراتيجية "الزراعة الخضراء 2030" لتحويل 20% من الأراضي الزراعية إلى عضوية.
- تقديم حوافز للمزارعين مثل تمويل ميسر وتدريب على الممارسات العضوية عبر مراكز بحثية كـ مركز البحوث الزراعية.
3. الشراكات الدولية:
تعاونت مصر مع منظمات مثل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ومنظمة الفاو لتطوير سلاسل إمداد عضوية فعالة.
4. الوعي الاستهلاكي المحلي والعالمي:
ازداد الطلب العالمي على المنتجات العضوية، خاصة في الاتحاد الأوروبي (الذي يستورد 60% من صادرات مصر العضوية)، بينما بدأ السوق المحلي يتبنى ثقافة الاستهلاك الصحي.

التحديات والفرص المستقبلية
رغم النجاحات، تواجه مصر تحديات مثل:
- ارتفاع تكاليف الشهادات العضوية مقارنة بالزراعة التقليدية.
- الحاجة إلى مزيد من التوعية بأهمية الزراعة العضوية محليًا.
لكن الفرص كبيرة، خاصة مع توجه العالم إلى تحقيق الأمن الغذائي عبر أنظمة زراعية مستدامة، وهو ما تتمتع مصر ببنية تحتية قادرة على تلبية متطلباته.

الخلاصة
استطاعت مصر أن تصبح قصة نجاح في الزراعة العضوية بفضل مزيج فريد من الإرث الزراعي العريق، والرؤية الحكومية المدعومة بالتكنولوجيا، والشراكات الذكية. هذا التميز ليس مجرد تطور اقتصادي، بل هو انعكاس لالتزام الدولة بتحقيق التنمية المستدامة، وحماية البيئة، وتقديم نموذجٍ يُحتذى به في المنطقة العربية والأفريقية.
Comments